الاثنين، 7 فبراير 2011

كلمات هادئة

حسنا فعل الإخوان المسلمين أن قبلوا التفاوض مع النظام بعد طول رفض وإن كنت أري أنهم تأخروا بعض الشئ .
وحسنا فعلوا أن يكونوا مع عامة أطياف المعارضة في عرض ما يرونه من اصلاحات والتفاهم حولها والقبول بما اتفق عليه الجميع ولم يقفوا كثيرا أمام فكرة خروج الرئيس ويعطلوا بسببها ما يرجونه من اصلاحات .
والحق أن فكرة مغادرة حسني مبارك للبلاد فورا تكتنفها كثير من الصعوبات – ليس القانون والدستور أهمها بالطبع – أشير إليها :
اولها مساندة الجيش إلي نهاية مدة ولايته لأسباب تخصه وهو ما تحقق منذ الجيش إلي الشارع بديلا للشرطة التي كرهها الناس وعادوها .. وتحت قيادة طنطاوي وسليمان – القائد الأعلي ورئيس المخابرات – حرص الجيش علي ابقاء الأوضاع وحاول كثيرا بالحسني صرف الناس ولكنهم لم يستجيبوا .. 

ولا يغرنكم في ذلك المعاملة الطيبة للمتظاهرين التي تفرضها الأوضاع فالجيش سمح للبلطجية بالهجوم علي المتظاهرين وقد أملوا أن يستطيعوا ازالتهم عن مواقعهم بل لم يتدخل لإنهاء حالة البلطجة هذه رغم قدرته علي ذلك طوال أيام اعتداءاتهم .. 

ولا يخفي تدخلاته في محاولة التزحزح بلطف لاحتلال أجزاء من الميدان لتقليل المساحة المتاحة للمتظاهرين لتضييق المكان عليهم ليقل عددهم .

ثانيها مساندة أمريكا لتأخير الخروج حتي يتم توفيق الأوضاع في البلاد بما لا يهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية وحذرا من اختيار من لا يوافقون سياستهم في زخم الثورة وذلك بتوفيق برلمان بأغلبية ليست إخوانية واختيار رئيس موافق لسياساتهم وغير ذلك من ترتيبات تحتاج لبعض الوقت لا يناسبه سرعة انصراف الرئيس التي عادة ما يصاحبها تغييرات ثورية غير منضبطة مهما تعهدت الأطراف بغير ذلك .. 

ولايغرنكم التصريحات الأمريكية الاعلامية بغير ذلك وبضرورة التغيير الفوري فقد زل لسان المبعوث الأمريكي بغرض السياسة الأمريكية ببقاء الرئيس لانتهاء مدة ولايته وإن كانت أمريكا تنصلت من كلامه .
والفارق الكبير بين مصر وتونس ليس في الحجم والمكانة فقط ولكن في أن الجيش هو الذي فرض علي الرئيس المغادرة وبموافقة من أمريكا إذ أن مصالحها لا تتهدد كثيرا بذلك .
فإذا أضفنا إلي ذلك أن الحكومة قد استعادت توازنها بعد مظاهرات الجمعة – التي تعد قمة ما حققته الثورة من زخم – وبدأت تتعامل مع الحدث علي أساس بقاء المتظاهرين في ميدان التحرير ما داموا لا يخربون ولا يحطمون ولا يغادرون وتحويل الميدان إلي هايدبارك أخري يخطب فيها الناس ويهتفون بينما تبدأ الحكومة في إعادة تسسير الأمور في البلاد لتعود عادية ، وبالفعل أعادت المصالح الحكومية للعمل وفتحت البنوك والبورصة وتسعي لإعادة تنظيم جهاز الشرطة وهكذا يطول الوقت في جلسات ومفاوضات وحوارات يمكن أن تؤدي إلي اختلافات بين أناس مختلفين أصلا فينصرف الناس تدريجيا .

وبعد
أنا أدعوا إخواننا المتفاوضين إلي الاجتهاد في الإسراع بإنهاء تلك المفاوضات والاتفاق علي الإصلاحات المناسبة اتفاقات محددة بجدول زمني مستفيدين من الزخم الذي حملته تلك المظاهرات في الأيام السابقة والتي صمدت بفضل الله حتي الآن ولا يتركوا الحكومة تماطل في إنهاء هذا الأمر فإن اليوم أفضل من غد والغد أفضل مما بعده وإن بقاء هذا الأمر لمدة أطول ليس هو الأفضل وسيؤدي بالتأكيد إلي التفتت أو الاختلاف أو الملل خاصة مع تفاوت حاجات الناس ومصالحها المتجددة 
ولايفوتني أن ألفت إلي تصريح لرئيس الوزراء في هذا المعني حيث ذكر أنه لا يري مانعا من بقاء الناس في الميدان يعبرون عن رأيهم إذ أنه لايشكل مشكلة ما داموا لايخربون ولا يدمرون وتسير الأمور في البلاد بعد ذلك
هذا المعني يدركه الساسة المخضرمون من الأيام الأولي للمظاهرات بخبرتهم فالثورات الشعبية السلمية ينبغي أن تحقق أهدافها في أيامها الأولي حيث تكون الثورة في زخمها والشعب ملتف حولها والحكومة مفاجأة بها .. وطول الوقت ليس في صالح ذلك 
لقد تكلم البعض بجرأة في ذلك فهوجم أشد الهجوم .. وتكلم البعض علي استحياء وتردد خوفا من اتهامه وهو الحريص علي المصلحة وسكت الآخرون وانضوي تحت الشعارات الثورية وحماسة الشباب فقصروا في النصح لهم .
أنا إذ أوصي إخواني بسرعة إنهاء هذا الوضع لحماية تضحيات شبابنا من أن تبدد لا أبغي بذلك إلا الإصلاح والخير والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق