الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

سعد زغلول.. الأكذوبة

صنم من تلك الأصنام التي نصبوها ليتوجه الناس إليها ويبحثوا عن الأسوة فيها وهم مجرد نمور من ورق..  صنعوا لهم هالة من الأكاذيب رفعوهم فوقها وزينوهم بها. 


ولد في إحدى قري الغربية عام 1859م..  حيث التحق بالتعليم الأزهري ولكنه لم يتمه مثلما فعل طه حسين بعد ذلك..  ثم عمل محررا ً في إحدى الصحف..  ثم محاميا ً..  لم تكن هذه المهنة في ذلك الوقت تستلزم الحصول علي شهادة ما.


وفي هذه الأثناء انضم إلي صالون نازلي فاضل.. وهو أحد الأماكن المفضلة للطبقة المصطفاة "الذوات"  من الإنجليز والمصريين .. والذي كان يقوم بدور حيوي في توثيق عري هذه الطبقة مع المحتل وإعداد قيادات المستقبل.


وهناك وبمخالطته لهؤلاء العلية أمثال اللورد كرومر وقاسم أمين والمستر بلانت تم تثقيفه وتربيته ليكون من هؤلاء الأعيان..  حيث توسطت له نازلي ليعين قاضيا ًبمحكمة الاستئناف دون أن يحصل علي شهادة تؤهله لذلك.


 حصل علي إجازة الحقوق فيما بعد.. ثم توسطت له ليتزوج من ابنة مصطفي باشا فهمي رئيس الوزراء وعضو حزب الأمة وصديق الانجليز الأقرب في مصر.. عينوه رئيسا ً للوزراء بضع عشرة سنة لشدة ولائه لهم.. وبدأ نجم سعد يعلو .


تعرف في الصالون علي اللورد كرومر الحاكم الانجليزي لمصر وتوثقت علاقتهما..  حتى أن سعد يقول في مذكراته:


 " كنت أجالسه الساعة والساعتين نتحدث في أمور شتي كي أتنور منها في حياتي السياسية "


وحتى أنه لما أطاحت حادثة دنشواي باللورد المذكور.. يقول سعد في مذكراته


" أنه حزن حزنا ً شديدا ً لاستقالة اللورد وأنه شعر.. هكذا يقول.. كمن وخز بآلة حادة فلم يشعر بألمها لشدة هولها ".


 وقد ذهب لمقابلة اللورد ودار بينهما حوار طويل أنهاه بقوله:


 " إني لا أفكر بشخصي.. ولكن في بلدي ومنفعتها التي سوف تخسر بفقدك خسارة لا تعوض".


وفي الوقت الذي ودعت مصر كلها سفاح دنشواي باللعنات..  قام سعد بعمل اكتتاب لعمل حفل وداع في فندق شيبرد للورد.. واحتفلوا به رغم تطاوله علي مصر والمصريين في هذا الحفل.


اختاروه وزيرا ً للمعارف عام 1906م .. ولم يتركها إلا والتعليم الابتدائي يدرس كله بالانجليزية..  بل ويكاد التعليم الثانوي أن يكون كذلك.


 وانخفضت نسبة المعلمين المصريين ليحل محلهم الأجانب.. وتضاعفت المدارس الأجنبية ثلاث مرات.. بينما لم تبن في عهده مدرسة وطنية واحدة.. وتم حذف مادة التاريخ من التعليم الأولي والابتدائي.


 بل إنه في سعيه لتحجيم دور الأزهر قلعة النضال ضد المحتل تنفيذا ً لسياسة المحتل أنشأ دار العلوم ومدرسة القضاء الشرعي..  ليسلب الأزهر أهم اختصاصاته..  وأكثر ما يجذب الناس للالتحاق به وهو تخريج مدرسي اللغة العربية والقضاة الشرعيين..  لكي يقتصر دوره علي تخريج أئمة المساجد. 


وفي عام 1910م نقلوه إلي وزارة الحقانية.. حيث صدر في عهده قانون المطبوعات الذي حول جرائم النشر إلي جنايات غير قابلة للاستئناف بعد أن كانت جنحا ً.


رشح نفسه للجمعية التشريعية بدعم من حزب الأمة المدعوم من الإنجليز..  بل وبدعم من الحزب الوطني وحزب مصطفي كامل.. رغم أن محمد فريد أرسل من منفاه يحذرهم منه في رسالة ذكر فيها "أنه إنسان لا يوثق به" .. وأنه يريد أن يصل إلي  الجمعية علي أكتافهم..  وفاز ليصير بعد ذلك وكيلا للجمعية التشريعية .


عندما انتهت الحرب العالمية كان سعد يعيش حالة شديدة من الإحباط كما ذكر في مذكراته..  لأنهم تجاهلوه في تشكيل مجلس النظار.. وكان يؤمل أن يعين فيه بعد طول تعطل عن العمل.


كانت فكرة الوفد فكرة الأمير عمر طوسون.. ولكنهم اختاروا سعد زغلول وأعضاء من حزب الأمة ليحملوا دعوتهم للإنجليز بإنجاز وعودهم بالجلاء..  لأن سعد وحزبه لهم علاقة قوية بالإنجليز .. ولهم سابق حوارات معهم .. وابعدوا أعضاء الحزب الوطني نظرا ً لرفضهم فكرة التفاوض قبل الجلاء.


كان مصطفي النحاس عضوا ً في الحزب الوطني ولكنهم ضموه في مرحلة من مراحل التفاهم.. نظرا ً لقربه منهم فكرا ً.. ولانسحاب عدد من الأعضاء.


ووسط تفاصيل كثيرة عاني أعضاء الوفد من تسلط سعد واستبداده.. حتى أنه فصل ستة أعضاء من جملة عشرة هم أعضاء الوفد بالمخالفة للائحة.. نصت المادة العاشرة من اللائحة علي أن "القرار في الوفد يكون بالأغلبية والفصل يكون بثلاثة أرباع".. حتى لم يبق معه إلا واصف بطرس غالي وسينوت حنا وويصا واصف ومصطفي النحاس. 


وعانوا أيضا ًمن شهوة الزعامة.. حتى أنه وضع من شروطه في استمرار المفاوضات من خلال عدلي عام 1921م أن يكون أغلب أعضاء وفد التفاوض من الوفد وليس الحكومة.. وأن يكون هو رئيس الوفد المفاوض .. ولما وافق رئيس الوزراء علي شروطه ما عدا هذا الشرط .. طلب طرح الثقة بالوزارة فلما رفض ذلك أعضاء الوفد فصلهم كما أسلفنا.


استغل سعد الشعبية الكبيرة التي حازها نتيجة نفي الإنجليز له وقيادته للوفد..  فأمر بنزع الحجاب ودعا لتشكيل الجمعيات النسائية التي شاركت فيها زوجه..  بعد أن أسفرت عن وجهها لتقود تلك الجمعيات دعاوي التفرنج في قضايا النساء حتى الآن .


تستطيع أن تلمس بوضوح موقفه من الإنجليز ومن الفكرة الإسلامية من مذكرته التي وقعها مع فهمي وشعراوي عام 1918م.. مستنكرا ً أساليب وأفكار الحزب الوطني وحزب مصطفي كامل ومحمد فريد الشديدة ضد الإنجليز متعهدين باللجوء الدائم إليهم.


أما عن السلوك الشخصي له والذي من خلاله تستطيع أن تدرك مكانه من التزام تعاليم الدين .. فقد حفلت مذكراته بما يدل علي استهانته بالسلوك الإسلامي والبعد عن قيمه.


لقد كان سعد باشا مدمنا للقمار لا يستطيع منه فكاكا ً.. حتى أنه اضطر إلي بيع بعض أملاكه لسداد ديونه .. وحتى أنه وعد زوجه أكثر من مرة بالكف عنه ولم يستطع..  مما هدد بيته في بعض الأوقات بالدمار .


ورغم أنه تاب من ذلك ووعد زوجه عشرات المرات إلا أنه لم يستطع.. وبالمثل كان حبه للخمر .


وبعد...


إن رجلا ً تربي في صالون نازلي فاضل وتتلمذ علي اللورد كرومر ومن بعده أصدقاؤه أعضاء حزب الأمة قاسم أمين ومصطفي فهمي ولطفي السيد .. وأخوه فتحي زغلول شريك بطرس غالي في مذبحة دنشواي .. وأخلاقياته بعيدة عن السلوك الإسلامي كما حكي هو عن نفسه


لا ندري كيف جعلوه زعيما ً للأمة وقدسوه كل هذا التقديس؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق