الغش في الامتحانات صار ثقافة شعب ، فقد شاع بين التلاميذ حتي لاتكاد تجد من يستقبحه بحيث صار أكثرهم مابين غاش أو متطلع متمن أو ساكت غير مستغرب ، ليس من بين المدرسين أو الأهل – أو أكثرهم - من يعلم ولده الا يفعل ولا يستغربه منه إن فعل ومن المدرسين من يغشش الطلاب أو يسمح لهم به أو يتغافل بل وكثيرا ما يأتي الناظر والمدير وغيرهم من قيادات التعليم ليغشش تلميذا أو يطلب من المدرس ذلك اكراما لزميل أو صديق وكثيرا ما يكون الغش عاما في المدرسة للارتفاع بنسبة النجاح فيها ..
بل إن الأزهر دخله الغش وعشش فيه وهو مؤسسة الدين والنهي عن المنكر و صار المدرس الذي يغشش هو المدرس الطيب الحريص علي مصلحة الأولاد أما المدرس الذي يرفض ذلك – وهذا نادر بين المدرسين – فهو المدرس المعقد القاسي الذي لا يريد مصلحة الاولاد ولربما منعوه من مراقبة الامتحانات أو انتظروه خارج المدرسة ليوسعوه ضربا أو اكثر من ذلك .....
صار الغش في الامتحانات ثقافة شعب منهار
وأنا أزعم أن التزوير في انتخابات البرلمان صار ثقافة شعب أيضا ، وقد كشفت الجولة الثانية من الانتخابات الأخيرة ذلك المعني وعرت كثيرا من أدعياء مايسمونها النزاهة والشفافية .
طبيعي أن يزور حزب الحكومة .. فقد ترسخ في الضمير الجمعي لكل حكومة منذ ثورة يوليو ونسبة ال99%التي اخترعها عبد الناصر ..
أن الحكومة لابد أن تبقي علي أكثر كراسي المجلس ولو كان بالتزوير وصار ذلك كالبديهية المستقرة حتي صار الناس والاعلام والمفكرون يستنكرون التزوير الحكومي حتي قبل أن تبدأ الانتخابات ويروا التزوير بأعينهم ويتحدثون عن النزاهة والشفافية ويستنجدون بالشرق والغرب لحمايتهم من سطوة الحكومة المزورة ..
كل هذا طبيعي ولكن الجولة الثانية من الانتخابات الجديدة حملت شيئا جديدا ..
لقد انتهت الجولة الأولي بفوز كاسح لحزب الحكومة جعلت الحكومة محتاجة لبعض رجال المعارضة في المجلس واسفرت بالتالي عن هزيمة شديدة للباقين اثارت الجميع علي الحكومة وإن تباينت مواقفهم ، ففي حزب التجمع ثار المرشحون الراسبون وأنصارهم وطالبوا قيادة الحزب بسرعة الانسحاب من الجولة الثانية ، ولكن رئيس الحزب – الشيوعي إياه – لم يستجب لهم فقد كان له ترتيب آخر ولم يتأثر بالضجيج المثار حتي كانت الجولة الثانية وقيل بتزوير الانتخابات لصالح من تبقي من مرشحي الحزب ليصير له ولاول مرة في تاريخه ستة أعضاء في البرلمان وضاعت الشفافية والنزاهة في سبيل الكراسي الهزيلة الممنوحة للحزب ..
أما حزب الوفد فقد كان يمني نفسه بالحصول علي 20 – 30 مقعد فلما فوجئ بأن الحزب لم ينجح له سوي مرشحين ادرك أنه قد خدع بعد كل ما قدم وسارع رئيسه هذه المرة بإعلان هذا الانسحاب وثار البعض وعلي راسهم المرشحون الذين ينتظرون الاعادة ..
وهكذا انسحب الحزب رسميا ولكن المرشحين لم ينسحبوا وهكذا نجحوا كسابقهم ودخلوا المجلس وصار للوفدسبعة نواب من مجموع المرحلتين وذلك علي جثة الشفافية والنزاهة ..
أما الإخوان فقد فوجئوا بأن الجولة الأولي لم تسفر عن نجاح أحد منهم بالمرة حتي النواب الثمانية والثمانين الذين كانوا في المجلس السابق ، وسارعت الجماعة لإعلان الانسحاب من الجولة الثانية وانسحب الجميع بالفعل ولكن أحدهم رفض الاستجابة لقرار الانسحاب ..
صحيح أن الجماعة فصلته منها بعد أن استنفذت جهودها في محاولة اقناعه بالتزام قرار الجماعة ولكن تبقي دلالة الموقف في رجل تربي في الجماعة وعلي فكرها وارتقي في مستوياتها حتي رشحوه في المجلس السابق وصار ممثلا للجماعة في المجلس لخمس سنوات ثم رشحوه مرة أخري هذه المرة أيضا وساندوه في الجولة الأولي حتي بلغ الإعادة ثم لما لم يستجب لدعوتهم بالانسحاب فصلوه وكفوا أيديهم عن مساندته ولكنه نجح كسابقيه علي جثة برلماني عتيد لم يحدث أن رسب منذ أمد بعيد ليكون ممثلا للإخوان وإن تنصلوا منه وبالمثل كان ممثلوا الأحزاب الهامشية كالغد والمصري وغيرهم .
لقد استغرب كثير ممن كانوا يأملون في الدكتور مصطفي الفقي لما قبل أن يدخل المجلس علي جناح التزوير وهاجمه الجميع ممن لا قدرة لهم علي فعل ما فعلوه له ولكن الانتخابات الاخيرة عرت الجميع وبينت أن الحزب الوطني لم ينفرد بذلك وإنما هناك الكثير ممن يستنكرون ويشجبون التزوير لو اتيحت لهم الفرصة لفعلوا بل إنني لازعم أن التزوير صار ثقافة شعب وأن ثورة يوليو أفلحت في أن تجعل الناس يألفوه حتي أن أكثر الشعب عزف عن الانتخابات لأنه يدرك أن نتائجها معروفة مسبقا وأن احمد فيها – كما يقولون – زي الحاج أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق